مواقف سياسية إيجابية قبل الاستثمار.. مشاريع المونديال تمنح المغرب ورقة دبلوماسية جديدة في قضية الصحراء

 مواقف سياسية إيجابية قبل الاستثمار.. مشاريع المونديال تمنح المغرب ورقة دبلوماسية جديدة في قضية الصحراء
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الثلاثاء 9 دجنبر 2025 - 9:00

تحوّل فوز المغرب بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، إلى جانب إسبانيا والبرتغال، من مجرّد حدث رياضي تستعد له المملكة إلى أداة دبلوماسية مهمة، تُعزز من موقع الرباط في ملف الصحراء، عبر ربط مشاريع الاستثمار الكبرى بمواقف سياسية داعمة لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وخلال السنتين الأخيرتين، بات يُلاحظ تلازم واضح بين إعلان عدد من القوى الدولية دعمها الصريح للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، وبين توقيعها في الوقت نفسه اتفاقيات استثمارية ضخمة مع المغرب، خاصة في القطاعات المرتبطة بالبنية التحتية والنقل والموانئ، وهي المشاريع التي تُعدّ أساسية في استعدادات المملكة لاحتضان المونديال.

هذا التحول جعل من مشاريع كأس العالم 2030 ورقة دبلوماسية جديدة في يد الرباط، حيث لم تعد الشراكات الاقتصادية منفصلة عن مواقف الدول من ملف الصحراء، بل أصبح الدعم السياسي للمبادرة المغربية يشكل بوابة موازية للدخول إلى سوق المشاريع الكبرى المرتبطة بالمونديال.

شكّل إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في يوليوز 2024، دعمه الصريح لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، نقطة تحول في العلاقات الثنائية، حيث أسفر هذا الموقف عن توقيع حزمة من الاتفاقيات الاستراتيجية بين الرباط وباريس، بلغ عددها 22 اتفاقية، شملت قطاعات حيوية مرتبطة مباشرة بالتحضير لكأس العالم 2030.

ومن أبرز هذه الاتفاقيات، بروتوكول تزويد المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF) بقطارات فائقة السرعة من طرف شركة "ألستوم" الفرنسية، لاقتناء 12 قطارا فائق السرعة مع خيار إضافة 6 قطارات أخرى، بهدف توسيع شبكة النقل السككي وربط مدن جديدة ضمن شبكة القطار فائق السرعة، في إطار تحديث البنية التحتية استعدادا للمونديال.

كما شملت الاتفاقيات إعلان نوايا للتعاون المالي في قطاع السكك الحديدية، إضافة إلى عقود ومساعدات تقنية لإنجاز مشروع الخط فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش، عبر توريد معدات متطورة وخدمات هندسية تشرف عليها شركات فرنسية.

وتُظهر هذه الحزمة من الاتفاقيات كيف تحوّلت باريس، بعد إعلان موقفها الداعم لسيادة المغرب على الصحراء، إلى شريك مركزي في ورش الاستعدادات للمونديال، في سياق يؤكد أن التقارب السياسي فتح الباب أمام شراكات اقتصادية ضخمة ذات بعد استراتيجي.

في يونيو 2025، وخلال زيارة وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إلى الرباط ولقائه نظيره المغربي ناصر بوريطة، أعلنت لندن موقفا رسميا داعما لمقترح الحكم الذاتي المغربي، وهو ما تُوّج بالتوقيع على حزمة من الاتفاقيات التي أرست إطار "شراكة استراتيجية معزَّزة" بين البلدين.

وشملت هذه الشراكة، وفق البيان المشترك الصادر عقب اللقاء، تعميق التعاون في مجالات الأمن والدفاع، والتجارة والاستثمار، والطاقة والمناخ، والتعليم والبحث العلمي، إضافة إلى البنية التحتية والنقل والموانئ، حيث تم توقيع اتفاق حكومي-لحكومة (G2G) يخص مشاريع البنية التحتية المرتبطة مباشرة بالاستعدادات لكأس العالم 2030.

كما تم توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة التجهيز والماء المغربية حول التعاون في تطوير الموانئ وإدارة الموارد المائية، مع توظيف الخبرة البريطانية في مجالات "الموانئ الذكية" واللوجستيك المستدام، إلى جانب اتفاق آخر لتعزيز التعاون بين السلطات المحلية في البلدين حول مشاريع التنقل الحضري، وتدبير النفايات، وتحديث البنى التحتية الحضرية.

وتُبرز هذه التطورات كيف انتقلت العلاقات المغربية البريطانية من مستوى التعاون التقليدي إلى شراكة متعددة الأبعاد، حيث اقترن الدعم السياسي لمقترح الحكم الذاتي المغربي بإشراك بريطانيا في المشاريع الكبرى المرتبطة بالمونديال.

في إطار الاجتماع الرفيع المستوى بين الحكومتين المغربية والإسبانية، المنعقد في مدريد في 4 دجنبر 2025، جددت إسبانيا دعمها الرسمي لمقترح الحكم الذاتي المغربي ولقرار مجلس الأمن رقم 2797، بالتوازي مع إعلان مشترك يُبرز رغبة البلدين في خلق "إطار مستقر" ومشجّع للاستثمارات المشتركة المرتبطة بالتحضير لكأس العالم 2030.

وأكد البيان المشترك اهتمام الشركات الإسبانية بالمشاركة في مشاريع تطوير شبكة النقل المغربية، خاصة مشاريع النقل السريع والبنيات التحتية المرتبطة بالسكك الحديدية والموانئ والطرق، مع الإشارة إلى رغبة مدريد في أن تكون شريكا رئيسيا في تحديث منظومة النقل المغربية.

وشملت الاتفاقيات كذلك توقيع مذكرتي تفاهم في مجالي الزراعة والصيد البحري، حيث تم الاتفاق على التعاون في تحديث الفلاحة وتدبير الموارد المائية وتحقيق الأمن الغذائي، إلى جانب تعزيز الصيد المستدام وتنمية المصايد البحرية ومحاربة الصيد غير القانوني، في سياق شراكة اقتصادية موسعة تتقاطع بدورها مع ورش الاستعدادات الكبرى لاحتضان مونديال 2030.

ويُظهر المسار الإسباني، على غرار الحالتين الفرنسية والبريطانية، كيف أصبح الدعم السياسي لمقترح الحكم الذاتي المغربي يتقاطع مع المصالح الاقتصادية والاستثمارية، في سياق تحوّل مشاريع كأس العالم إلى أداة دبلوماسية واقتصادية في يد الرباط، وهي "أداة" من المرتقب أن يستعملها المغرب مع عدد من الدول الراغبة في الاستفادة من الاستثمار في الأوراش التي يفتحها المغرب في إطار استعداداته لتنظيم أضخم حدث رياضي في عالم كرة القدم.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...